في سابقة هي الأولى من نوعها يتجه مستثمرون مصريون إلى إدخال "التلفريك" كوسيلة للنقل في إحدى المدن السياحية المطلة على ساحل البحر الأحمر المتميزة بقممها الجبلية في خطوة للترويج لها. ودفعت هذه التجربة الفريدة من نوعها في مصر العديد من التساؤلات حول إمكانية انتقالها إلى مدن أخرى، فضلا عن استخدامها في التسويق والترويج للمشاريع العقارية الكبرى ، خاصة في مدينتي القاهرة والإسكندرية التي دخلتها العديد من الشركات العربية التي يتحمل شعار "الرفاهية والترف في السكن".
ويعد "التلفريك" الوسيلة الأمثل استخداما في دول مثل سويسرا ذات الطبيعية الجبلية الخلابة التي تمثل 60% من مساحتها، حيث جعلت من القمم الجبلية عامل جذب سياحي. كما سبقت لبنان الملقبة "بسويسرا الشرق" مصر في المنطقة بسنوات طوال في استخدام "التلفريك" في عدد من مناطقها.
التلفريك في العين السخنة
وكشف منصور عامر أحد المستثمرين المصريين اعتزامه إدخال التلفريك لأول مرة في منطقة العين السخنة المطلة على ساحل البحر الأحمر شرق مصر، والتي يحدها من الخلف جبل علبة البالغ ارتفاعه 1474 مترا فوق سطح البحر، ولقبت بالسخنة لوجود ينبوع ماء معدنية طبيعية تبلغ درجة حرارتها 35 درجة في سفح جبل عتاقة.
وقال عامر: إن استخدام "التلفريك" يأتي ضمن مشروع سياحي بالمنطقة تبلغ تكلفته الاستثمارية ملياري جنيه (357.1 مليون دولار)، متوقعا نجاح هذه الوسيلة الجديدة في النقل في مصر.
وأضاف أنه يريد أن تكون منطقة السخنة جاذبة للسياحة العالمية ونموذجا للتطوير العمراني، ليصبح أحد أهم وأشهر وأجمل سواحل الشرق الأوسط والعالم كله.
وبالرغم من ترحيب أوساط المستثمرين بهذه الفكرة التي تأخرت كثيرا في مصر لارتفاع تكلفة تنفيذها، إلا أنهم أشاروا إلى أنها تنطوى على مخاطر لا بد من حسابها.
وقال أحمد بلبع رئيس جمعية مستثمري البحر الأحمر إن التلفريك يصلح في جميع الأماكن بمصر، ويعد وسيلة نقل جيدة في منطقة تتمتع بجغرافيا طبيعة جملية مثل الجبال والآثار.
واعتبر بلبع هذه الوسيلة إضافة جيدة إلى السياحة المصرية، مشيرا إلى أنه سيتم في القريب دراسة إقامة مثل هذه المشروعات في منطقة البحر الأحمر التي تتميز بطبيعة جبلية خاصة. ومن جانبه، توقع أحمد سيد مدير أحد الفروع بشركة كشك للتسويق العقاري، أن تشهد المرحلة المقبلة مزيدا من مثل هذه المشروعات في الاستثمار العقاري والسياحي، خاصة مع دخول الشركات العربية التي ترفع شعارات "الرفاهية والترف في السكن" والتي لن تبخل بأي وسيلة لجذب أكبر عدد ممكن من راغبي شراء الرفاهية.
"التلفريك" وحده لا يسوق
وأشار محمد أنعم رئيس شركة سكن للتسويق العقاري إلى أن "التلفريك" وحده لا يسوق المشروع، بل لا بد من وجود فكرة خلاقة سواء في التسويق والتصميم المعماري والإنشائي تصاحب وجود "تلفريك"، وهنا يكون "التلفريك" إضافة إلى المشروع وليس العكس.
وأوضح أنعم أن دراسات الجدوى لا تخص المشروع فقط ولكن المنطقة بأكملها حتى يكون هناك أفكار إبداعية مختلفة، طالما أن المشروع له فكرة مختلفة.
وبينما يؤكد الخبراء أن لهذه الخطوة قيمة إضافية إلى السياحة والعمران المصري، إلا أن آخرين يرونها "ترفا" ولا تناسب الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها المجتمع المصري في الوقت الراهن.
وقال مجدي صلاح أستاذ الطرق والمرور بجامعة القاهرة: إن هذه الوسيلة لا تستقيم إلا في مناطق محددة مثل شرم الشيخ وسيناء، نظرا لطبيعتهما الجبلية والتي يصلح معها هذه الوسيلة، وبالتالي شرائح اجتماعية محددة.
وأشار صلاح إلى أن "التلفريك" لا يناسب محافظتي القاهرة والإسكندرية نظرا لطبيعتهما المنبسطة باستثناء مناطق محددة فيهما.
التلفريك .. مكلف
وأضاف أن هذه الوسيلة تعد بمثابة "متعة" في المقام الأول للسائحين وذوي الدخول المرتفعة، موضحا أنها لا تصلح أن تكون وسيلة للنقل، نظرا لقلة سعة الأفراد بها التي تصل من 100 إلى 200 في الساعة، بالإضافة إلى أن العربة الواحدة لا تسع أكثر من أربعة أفراد على الأقل.
وأشار إلى أنه بالنظر لارتفاع تكاليف استخدام "التلفريك" من خلال استيراد العربات من الدول الأوروبية وكثافة الطاقة المستهلكة لتشغيله، فإن هناك صعوبة لانتشاره في أنحاء مصر حتى في المناطق السياحية.